الشهيد صدام حسين هدية البعث الى الامة العربية

الشهيد صدام حسين هدية البعث الى الامة العربية

لا بد ان يكون واضحاً للجميع ان الكتابة عن الشهيد صدام حسين ومآثره وبطولاته وتضحياته هي في الوقت ذاته كتابة عن رفاقه في الحزب وعن مآثر شعبه وبطولاته وعبقرية هذا الشعب الذي اطلق مقاومة نموذجية ونوعية في وجه العدوان الامريكي - الصهيوني - الايراني.

والشهيد صدام حسين ليس ظاهرة مقطوعة عن سياقها وليس نبتاً غريباً في بيئة مغايرة، انه من تراب هذه الارض العراقية - العربية - المناضلة وزرعها، وهو تعبير عن بطولة جماعية للشعب والامة العربية جمعاء والابن البار والمعبر عن نضال حزب البعث العربي الاشتراكي منذ تأسيسه وتصديه وتحديه للقوى المعادية للامة.

والذين يحاولون ويريدون ان يقطعوا صدام حسين عن سياقاته القومية - البعثية ويصورونه من الخوارج على جماعته (فكراً وسلوكاً) انما يريدون ان يحاولوا مرة اخرى ادخال الشهيد في حقول تحليلية مغلوطة والتباسية لكي يبينوا انه حالة فردية واستثنائية وليس نتاجاً لحالة نضالية تربوية جماعية انشأها نضال حزب البعث العربي الاشتراكي اكثر مما يزيد على نصف قرن. لا بل ان الشهيد صدام حسين وظاهرته (هو ورفاقه في القيادة) هي بحد ذاتها تصحيح وتجديد لصورة البعث اكثر مما هي مصادفة سياسية او بقعة ضوء في دوائر معتمة، انها الضوء المتجدد الذي كان يطلقه الحزب في كل المراحل المظلمة لإنارة الدرب وتوسيع المجال ورفد المسيرة والتقدم بنضال الامة الى الامام.

إن اكثر ما يضر ويشوه الصورة في حالة الشهيد صدام حسين (وهذا ما عملت عليه ماكنة الاعلام الامريكي - الصهيوني) هو الاختزال والشيطنة، الاختزال بجعل الشهيد صدام حسين بؤرة الصراع والمشكلة وعزل ذلك عن المؤامرة الكبرى على شعبه واعتباره المسبب بكل المصائب التي لحقت بالشعب (والكل يعرف ويدرك طبيعة ومداليل الخطاب البوشي الذي كان يركز على اسم صدام حسين) وكان اصحاب لعبة الاختزال يصورون الشهيد صدام حسين على انه هو الذي يعتدي على جيرانه وهو الذي يظلم ابناء شعبه وهو الذي فرض عليهم الحصار وهو الذي هاجم الكويت وهو الذي ارتكب المجازر الجماعية ويوردون ذلك لكي يحرفوا الانظار عن اصحاب الجرائم الحقيقيين ولكي يجعلوا المؤامرة والعدوان يجري تحت عنوان (بوش - صدام حسين) ولكي يطمسوا الاهداف الحقيقية للمشروع الاستعماري بكافة عناصره، وكانت الغاية (اثناء ترتيب العدوان والمؤامرة) عزل الشهيد صدام حسين عن شعبه وجعله منبوذاً او تصويره على انه السبب الرئيس في تنفيذ الخطط العدوانية الامريكية الاستباقية، وقد لاحظنا ان المجرمين قد واصلوا هذا الخطاب حتى اللحظات الاخيرة عندما طالبوا قائد العراق بالرحيل مع عائلته وتسليم زمام الامور للمعتدين والخونة.

اما الشيطنة فقد كانت الطرف الآخر للاختزال مع الامعان في تشويه صورة الشهيد وجعله شراً مطلقاً لكي يتم اقناع العالم بسهولة بالمبررات الزائفة للعدوان واهدافه، وقد اخذت الشيطنة طرائق مختلفة من الادعاءات والممارسات وتطلبت ملايين من الدولارات وانشأت لذلك العديد من الصحف والمؤسسات الاعلامية والابواق والكتاب واصبحت الآن معروفة الى حد كبير.

واما بعد ان تبينت الصور جميعها في العراق وأدرك الاقربون والابعدون حقيقة الحال، وبعد ان تفاجأ العالم بأكمله ببطولة الشهيد واخلاقه العربية وتضحياته وحبه لشعبه ودفاعه المتسميت عن مبادئه (هو ورفاقه سواء منهم من قضى نحبه معه ومن ينتظرون واولئك الاشاوس الذين يديرون المقاومة الباسلة ضد العدوان الامريكي - الصهيوني - الايراني).

فقد بدأت تظهر في الساحة صور اخرى من التشويه والاختزال والشيطنة مثل الحديث عن موقف الشهيد من الدين او الحديث عنه كحالة بطولة فردية دون ربطه مع الحالة البطولية الجمعية للحزب والمقاومة وكل الذين يدافعون عن المبادئ وكرامة الامة، او بالحديث عن قناعاته الدينية المتأخرة وخروجه عن فكر الحزب ومبادئه من خلال حمله القرآن وتقديمه لخطاب اسلامي ومفردات لها طابع ديني، وكان لا بد لكل من يريد ان يفهم موقف الشهيد صدام حسين من الدين ان يقرأ كتاباته وخطبه حول الموضوع ومنذ عام 1968 لكي يستدرك ان الشهيد لم يغير خطابه البعثي حول الدين وانما حاول في حالات محددة ومعينة ان يجتهد ويقدم اطروحات ورؤى جديدة حول الدين مستمدة من فهمه العميق لطبيعة التكامل بين العروبة والاسلام ومجسداً لاطروحات الاستاذ ميشيل عفلق حول نفس الموضوع وهو لم يخرج في كل اجتهاداته عن الاطروحات والمقولات التي تأسس عليها فكر حزب البعث العربي الاشتراكي منذ تأسيسه ولا عن الرؤية الموضوعية والايجابية التي تحلى وتجلى بها موقف البعث من الموضوع.

واذا كان حزب البعث منذ تأسيسه (ولمن تابعوا وتحروا موقفه الفكري من الدين (باعتباره حزباً سياسياً قومياً لا باعتباره حزباً دينياً، وبالمعنى العقيدي للمسلمين والحضاري لغير المسلمين) فانهم سيفهمون حمل الشهيد للقرآن بانه يأتي في صلب قناعات البعثيين بالدفاع عن عقيدتهم الكبرى الجامعة وسواء كانوا عرباً مسلمين او عرباً مسيحيين ولم يكن بأي حال انقلاباً على القناعات المؤسسة او ارتحالاً فكرياً او لعباً على العقول كما حاول البعض تصوير حمل الشهيد للقرآن الكريم.

والبعث في النهاية حزب سياسي يقوم على نظرة ورسالة سياسية دنيوية وله موقف ايجابي تكاملي مع الدين والاسلام - المرجعية تحديداً ولكنه ليس حزباً دينياً يقوم على فكرة دينية سماوية، وهو يرى الانتماء للدين انتماءً لعقيدة جامعة لا تخص العرب وحدهم وانما تخص سائر البشر والاقوام مع التأكيد على خصوصية العرب باقتران قوميتهم بالدين الاسلامي، وتكونهم القومي ونظرتهم لماضي وحاضر ومستقبل الامة العربية باعتبار الاسلام جوهراً ومرجعية فكرية - حضارية للعرب بكافة اديانهم.

اما من قالوا أخيراً ان الشهيد صدام لا يخص البعثيين وحدهم وانما يخص الامة باكملها (وهو من أعمق ما تمخض عنه الاجماع العربي في مداليله الايجابية حول الشهيد واذا ما استبعدنا منه محاولة الفصل بين الشهيد ونضالات حزبه فاننا سنجد انفسنا نقول كما قال مؤسس البعث عن الشهيد صدام حسين »أنه حقاً هدية البعث للامة العربية« مع الاشارة ايضاً الى ان الشهيد صدام حسين عندما استشهد كان الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي وان استشهاده هو من اعمق الدروس البعثية التي اصبحت تؤسس لثقافة المقاومة والممانعة العربية في المرحلة العربية الراهنة. مع تحيات

عاشق ابو وديع